
نص بيان علماء اليمن بخصوص صياغة الدستور
بسم الله الرحمن الرحيم بيان علماء اليمن بشأن صياغة دستور جديد للبلاد
الحمد لله الذي جعل الحكم بما شرع عبادة خاصة به فقال سبحانه: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف: 40], ونفاه عمن سواه فقال سبحانه: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [الكهف: 26], وأمر بالاستمساك بشرعه فقال سبحانه: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الزخرف: 43], وحذَّر من إتباع أصحاب الغفلة والهوى والافتتان بهم فقال سبحانه : {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: 49], وقال تعالى في حق مَن حكم بما يناقض شرع الله ملغياً حكمه سبحانه، وجعله نظاماً عاماً {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، والصلاة والسلام على رسول الله القائل عن هذه الشريعة المطهرة:{قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم فيسرى اختلافاً كثيراً فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عَضُّوا عليها بالنواجذ} رواه احمد وابن ماجه واللفظ له وصححه الألباني أما بعد: فإن اليمن تمر في هذه الأيام بأوضاع وظروف عصيبة وأحداث جسيمة لا مخرج منها إلا بالاعتصام بحبله تعالى والتمسك بشرعه وتحكيمه في جميع شؤون حياتنا, قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10] وكذا العمل على توحيد الصف واجتماع الكلمة ونبذ الفرقة كما أمر بذلك سبحانه بقوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } [آل عمران: 103], وجعل الاعتصام بالله ضمانا محققاً للهداية كما قال تعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101]. واليوم دخلت بلادنا في مرحلة هامة من تاريخ شعبنا اليمني المسلم ألا وهي صياغة دستور جديد للبلاد. ومعلوم أن للجمهورية اليمنية دستوراً نافذاً، هو الذي أقسم عليه رئيس الجمهورية المنتخب، ورئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني، وجميع قادة الدولة مدنيين وعسكريين, ووافق عليه الشعب وأقره عبر الاستفتاء, ويشتمل هذا الدستور على الأسس والقواعد لنظام الحكم في اليمن وهو الدستور الذي أشاد به الكثيرون من الخبراء, لكن الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية أضافت إلى المبادرة وضع دستور جديد، وأيدها مجلس الأمن ومعلوم أن وضع الدساتير من أهم الشؤون الخاصة بالشعوب والأوطان التي لا يحق لأي جهة أجنبية أن تتدخل في صياغتها؛ لأنه أمر يخص تلك الدول والشعوب، كما أن الدساتير في دول العالم تصاغ وفق هوية الشعوب ومصالحها العليا ففي الشعوب المسلمة يجب أن تكون الدساتير إسلامية, وفي الدول والشعوب العلمانية تأتي الدساتير معبرة عن هويتها العلمانية، وهكذا في بقية خصوصيات الشعوب. ولما كان الدستور عند الشعوب والأمم الأخرى هو أعلى وثيقة قانونية يحتكم إليها المواطنون حكاما ومحكومين, فإننا نحن المسلمين مأمورون من الله تعالى بالخضوع لشرعه, والانقياد له، والتحاكم إليه, كما قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }[النساء: 59] وبهذا تكون الحاكمية المطلقة والسيادة العليا عند المسلمين للقرآن والسنة، فهما الوحي المقدس، وكلام الله وكلام رسوله يجب أن يكون فوق الدستور والقانون, كما يجب أن يكون كذلك هو المرجع عند كل خلاف, لقوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10], ولقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء: 65] وبناءً عليه فيجب أن يكون الدستور الجديد في بلادنا موافقاً لشرع الله وهديه, وألا يكون فيه ما يعارضهما، كما يجب على الشعب اليمني المسلم أن يتمسك بدينه، وأن يعتز به، وأن يعبر عن حقه في ذلك, وأن يرفع صوته بالمطالبة بصياغة دستور ينطلق من دينه وشريعته وقيمه وثوابته الإسلامية, وتراعى فيه مصالح اليمن العليا, ويحافظ فيه على وحدة أراضيها واستقلالها وسيادتها, وبما يحقق الأمن والاستقرار, والرخاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق